الغيبة والنميمة
الحمد لله الذي أوجب على المؤمنين أن يكونوا أخوة أن يكونوا أخوة يتعاونون على البر والتقوى ويحمي بعضهم بعضاً في نفسه وماله وعرضه ليصلوا بذلك إلى الأخلاق العليا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له إله الأرض والسماء وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والوفاء وعلى التابعين لهم بإحسان ما تتابع القطر والندى وسلم تسليما …
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وعظموا حرماته واحترموا أعراض إخوانكم ودبوا عنها كما تدبون عن أعراضكم فإن من دب عن عرض أخيه دب الله عن وجهه النار يوم القيامة أيها المسلمون بل أيها المؤمنون لقد شاع بين الناس داءان عظيمان كبيران وهما في نظر الكثير من الناس سهلان صغيران أما أحدهما فالغيبة وهي التي تسمونها السبابة يقوم الرجل فيذكر أخاه بما يكره أن يذكر به من عمل أو صفة تجد أكبر همه في المجالس أن يعترض عباد الله كأنما وكل بنشر معائدهم وتتبع عوراتهم ومن تسلط على نشر عيوب الناس وتتبع عوراتهم سلط الله عليه من ينشر عيوبه ويتتبع عورته تجده يقول فلان فيه كذا وفلان فيه كذا ولو فتش هذا القائل عن نفسه لوجد نفسه أكثر الناس عيوبا وأسوأهم أخلاقاً وأضعفهم أمانة إن هذا الرجل المسلط على عباد الله باغتيابهم لمسئوم على نفسه ومسئوم على جلسائه مسئوم على نفسه حيث قادها إلى الشر والبغي ومسئوم على جلسائه لأن جليسه إذا لم ينكر عليه صار شريكاً له في الإثم وإن لم يقل شيئا أيها المسلمون يا أيها الذين أمنوا احذروا من الغيبة احذروا من سب الناس في غيبتهم احذروا من أكل لحوم الناس فلقد مثل الله ذلك بأقبح مثال مثله بمن يأكل لحم أخيه ميتا فهل تجدون أقبح أو أبشع من شخص يجلس إلى أخيه الميت فيقطع جيفته قطعة قطعة ويأكلها هل تجدون أقبح من ذلك وأبشع هل تجدون أحداً يمكن أن يطيق ذلك ألا إن الذي يغتاب الناس هو الذي يطيق ذلك واستمعوا قول الله عز وجل (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ)(الحجرات: من الآية12) إنه لا يبعد لا يبعد أن يعذب الإنسان الذي يسب أخاه في غيبته أن تقرب إليه جيفته يوم القيامة فيقال له كله ميتاً كما أكلته حيا أيها المسلمون إن أمر الغيبة أمر عظيم وخطر جسيم إن كلمة تقولها في أخيك تعيبه بها لو مزجت بماء البحر لأثرت به فاتق الله أيها المسلم فلقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم لهم أظفار من نحاس يخلطون بها وجوههم وصدورهم فقال ( من هؤلاء يا جبريل ) قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم إن بعض الناس الذين ابتلوا بالغيبة إذا نصحته قال أنا لم أقل إلا ما هو فيه ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الرجل الذي اغتبه فذكرته في غيبته بما يكره إن كان فيه ما تقول فأنت مغتاب له وإن لم يكن فيه ما تقول فأنت كاذب مفتر عليه مع الغيبة وأكثر الناس يقولون في إخوانهم ما لا يعلمون يتحدثون في أعراضهم وهم لا يتيقنون لو سألته فقلت تشهد عليه بما تقول لقال لا أشهد أفلا يتق الله هذا أفلا يعلم أنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ما يلفظ من قول كلمة نكرة في سياق النفي فتعم كل قول إلا لديه رقيب حاضر ( كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون ) إن كل إنسان سوف يحاسب عن كل كلمة قالها ألم يكن هذا الذي يغتاب عباد الله ألم يكن لا يرضى أن يقع أحد في عرضه فكيف يرضى أن يقع هو في أعراض الناس أما يخشى أن يفضحه الله في الدنيا قبل فضيحة الآخرة أيها المسلمون إن غيبة إخوانكم إهداء أعمالكم الصالحة إليها إن غيبة إخوانكم إهداء أعمالكم الصالحة إليهم فإنهم إذا لم ينتصروا في الدنيا أو يحللوكم أخذوا من أعمالكم الصالحة في الآخرة فإن فنيت أعمالكم الصالحة أخذ من أعمالهم السيئة فطرحت عليكم ثم طرحتم في النار أيها الناس اشتغلوا بعيوبكم عن عيوب الآخرين وإذا كنتم صادقين في إخلاصكم ونصحكم فأصلحوا عيوب إخوانكم ولا تشيعوها وتشهروها إذا رأيت من أخيك ما يقدح فيه وأنا أقول إنه لا يسلم أحد من خطأ إذا رأيت من أخيك ما يقدح فيه فاذهب إليه وأنصحه بينك وبينه لتكون من الناصحين لا من الفاضحين يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند ضعيف أن امرأتين صامتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعطشتنا عطشاً شديداً كادتا تموتان من العطش فذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بهما فأمرهما فقاعة دماً وقديداً ولحماً عضيضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن هاتين المرأتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس ) أيها الأخوة المؤمنون إن الغيبة من كبائر الذنوب كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله وكبائر الذنوب أمرها عظيم فإن فاعل الكبيرة تسقط عدالته بمجرد فعلها لا يكون من أهل الثقة والعدل وإنما يكون من الفساق الذين ترد شهادتهم وتسقط ولايتهم الأمر ليس بالهين الأمر أمر عظيم حتى قال بعض أهل العلم إن من كان فاسقاً بفعل الكبيرة التي لم يتب منها فإنه لا يصلح أن يكون إماماً للناس ولا يصلح أن لا يصلح أن يشهد بل ترد شهادته هذا أحد الدائين أما الداء الثاني فهو النميمة وما أدراك ما النميمة إنها الفرقة بين الناس وإلقاء العداوة والبغضاء إنها الإفساد بين الناس بنقل كلام بعضهم في بعض فيأتي إلى الشخص فيقول قال فيك فلان كذا وكذا حتى يحدث بين الناس ويلقي العدواة بينهم والبغضاء وربما كان كاذباً فيجمع بين البهتان والنميمة إن بعض الناس يأتي بمثل هذا كأنه هدية سخية إلى من نقله إليه يتقرب به إلى المنقول إليه وهذا من سفهه ونقص دينه وإن الواجب على من نقل إليه أحد كلام أحد فيه أن ينكر عليه وينهاه عن ذلك وليحذر منه فإن من نقل كلام الناس إليك نقل إليهم كلامك وربما ينقل عنك ما لم تتكلم به وقد قال الله تعالى (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (القلم:10-11) إن النميمة أيها المسلمون شر من الغيبة وأعظم قال النبي صلى الله عليه وسلم
( لا يدخل الجنة نمام ) ومر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين يعذبان فقال ( إن أحدهما لا يستنزه من البول وإن الآخر كان يمشي بالنميمة ) فاحذروا أيها المسلمون الغيبة والنميمة احذروهما فإن بهما فساد الدين والدنيا وتفكك المجتمع وإلقاء العداوة والبغضاء وحلول النقم والبلاء وهما بضاعة كل بطال وإضاعة الوقت بالقيل والقال ولكن إذا كان المقصود نصيحة الخلق وتحذيرهم من أهل السوء فلا حرج عليك في ذلك فإذا رأيت شخصاً ينشر أفكاراً هدامة أو يبث أخلاقاً سيئة أو يشيع تشكيكاً بين المسلمين في دينهم فذكرته بما فيه تحذير من شره ونصح للأمة وحماية للدين فلا حرج في ذلك بل ربما يكون هذا واجباً عليك وهكذا إذا رأيت شخصاً متملقاً لشخص مصانعاً له يأخذ ما عنده ويفضح ما أسره وذكرت ذلك له ليحذر منه فليس من النميمة وإنما هو نصيحة وهكذا إذا استشارك شخص في إنسان ليعامله أو يزوجه وأنت تعرف فيه نقصاً في دينه أو خلقه أو أمانته وجب عليك أن تبين ما فيه لمن استشارك ولا يعد ذلك من الغيبة بل هو من النصيحة اللهم إنا نسألك أن تحمي ألسنتنا من القول الحرام وأن تحمي أعراضنا من دنس اللئام وأن تقينا شر أنفسنا من الخطايا والآثام اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنك جواد كريم رؤوف رحيم …
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الصباح وأنور وسلم تسليما …
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أنكم مسؤولون عما تقولون وما تفعلون فإن الله عز وجل يقول (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة:7- ويقول جل ذكره (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) (لأعراف:6-7) إن الله عز وجل لا يخفى عليه شئ من أعمالكم ولا من أقوالكم ولا مما توسوس به نفوسكم إن الله يقول (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ )(قّ: من الآية16) إنه لا يخفى عليه شئ من أعمالكم فاتقوا الله أيها المسلمون وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومن اغتبتموه من المسلمين فإن كان قد علم بما قلتم فيه فلابد أن تصلوا إليه وتتصلوا به بطريق آخر حتى تطلبوا منه أن يحلكم عما قلتم فيه وإذا جاء الإنسان وإذا جاء الإنسان إلى أخيه معتذراً له فإنه ينبغي أن يقبل اعتذاره ويعفو عنه فإن الله تعالى يحب العافين عن الناس وأما إذا اغتبتم إنساناً ولم يعلم بما قلتم فيه فإنكم تنظرون إلى المصلحة وقد يكون من المصلحة أن تخبروه بما جرى منكم في حقه وأن تستغفروا له وأن تمدحوه بما فيه في المكان الذي اغتبتموه فيه لتكون الحسنات مذهبات للسيئات هذا هو طريق الخلاص من حق الإنسان الذي اغتبته فبادر إلى الخلاص منه قبل أن يفوت الأوان قبل أن لا يكون لك خلاص إلا من أعمالك الصالحة واتق الله وأقلع عما كان منك إن كنت من أهل الغيبة واسأل الله تعالى أن يحميك منها فإنها بئس البضاعة وأعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم اجمعنا اللهم اجعلنا ممن دخلوا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضى عن خلفاءه الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم ارضى عن أولاده الغر الميامين وعن زوجاتهم أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمروهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم من كان ولاة أمور المسلمين مستقيماً على دينك داعياً إليه حريصا على نشر الخير في الأمة فثبته على ذلك وأيده وأنصره على من ناوئه يا رب العالمين اللهم من كان من ولاة أمور المسلمين غير مستقيم على دينك ولا ناصح لعبادك اللهم فأبدله بخير منه أو أهده إلى الحق يا رب العالمين اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم هيئ لهم كل بطانة خير تدلهم على الخير وترغبهم فيه وتحذرهم من الشر وتنفرهم منه اللهم من كان من بطانة ولاة أمور المسلمين غير ناصح لهم ولا لأمتهم اللهم فأبعده عنهم يا رب العالمين وأبدلهم بخير منه إنك على كل شئ قدير اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن في إنتظار فريضة من فرائضك نسألك اللهم أن تغفر لنا ذنوبنا وتكفر عنا سيئاتنا وتتوفانا مع الأبرار ونسألك اللهم أن تقبل دعواتنا وأن تتجاوز عن التقصير في عباداتنا وأن تقبل منا جميع أعمالنا يا رب العالمين اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد …
الحمد لله الذي أوجب على المؤمنين أن يكونوا أخوة أن يكونوا أخوة يتعاونون على البر والتقوى ويحمي بعضهم بعضاً في نفسه وماله وعرضه ليصلوا بذلك إلى الأخلاق العليا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له إله الأرض والسماء وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والوفاء وعلى التابعين لهم بإحسان ما تتابع القطر والندى وسلم تسليما …
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وعظموا حرماته واحترموا أعراض إخوانكم ودبوا عنها كما تدبون عن أعراضكم فإن من دب عن عرض أخيه دب الله عن وجهه النار يوم القيامة أيها المسلمون بل أيها المؤمنون لقد شاع بين الناس داءان عظيمان كبيران وهما في نظر الكثير من الناس سهلان صغيران أما أحدهما فالغيبة وهي التي تسمونها السبابة يقوم الرجل فيذكر أخاه بما يكره أن يذكر به من عمل أو صفة تجد أكبر همه في المجالس أن يعترض عباد الله كأنما وكل بنشر معائدهم وتتبع عوراتهم ومن تسلط على نشر عيوب الناس وتتبع عوراتهم سلط الله عليه من ينشر عيوبه ويتتبع عورته تجده يقول فلان فيه كذا وفلان فيه كذا ولو فتش هذا القائل عن نفسه لوجد نفسه أكثر الناس عيوبا وأسوأهم أخلاقاً وأضعفهم أمانة إن هذا الرجل المسلط على عباد الله باغتيابهم لمسئوم على نفسه ومسئوم على جلسائه مسئوم على نفسه حيث قادها إلى الشر والبغي ومسئوم على جلسائه لأن جليسه إذا لم ينكر عليه صار شريكاً له في الإثم وإن لم يقل شيئا أيها المسلمون يا أيها الذين أمنوا احذروا من الغيبة احذروا من سب الناس في غيبتهم احذروا من أكل لحوم الناس فلقد مثل الله ذلك بأقبح مثال مثله بمن يأكل لحم أخيه ميتا فهل تجدون أقبح أو أبشع من شخص يجلس إلى أخيه الميت فيقطع جيفته قطعة قطعة ويأكلها هل تجدون أقبح من ذلك وأبشع هل تجدون أحداً يمكن أن يطيق ذلك ألا إن الذي يغتاب الناس هو الذي يطيق ذلك واستمعوا قول الله عز وجل (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ)(الحجرات: من الآية12) إنه لا يبعد لا يبعد أن يعذب الإنسان الذي يسب أخاه في غيبته أن تقرب إليه جيفته يوم القيامة فيقال له كله ميتاً كما أكلته حيا أيها المسلمون إن أمر الغيبة أمر عظيم وخطر جسيم إن كلمة تقولها في أخيك تعيبه بها لو مزجت بماء البحر لأثرت به فاتق الله أيها المسلم فلقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم لهم أظفار من نحاس يخلطون بها وجوههم وصدورهم فقال ( من هؤلاء يا جبريل ) قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم إن بعض الناس الذين ابتلوا بالغيبة إذا نصحته قال أنا لم أقل إلا ما هو فيه ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الرجل الذي اغتبه فذكرته في غيبته بما يكره إن كان فيه ما تقول فأنت مغتاب له وإن لم يكن فيه ما تقول فأنت كاذب مفتر عليه مع الغيبة وأكثر الناس يقولون في إخوانهم ما لا يعلمون يتحدثون في أعراضهم وهم لا يتيقنون لو سألته فقلت تشهد عليه بما تقول لقال لا أشهد أفلا يتق الله هذا أفلا يعلم أنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ما يلفظ من قول كلمة نكرة في سياق النفي فتعم كل قول إلا لديه رقيب حاضر ( كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون ) إن كل إنسان سوف يحاسب عن كل كلمة قالها ألم يكن هذا الذي يغتاب عباد الله ألم يكن لا يرضى أن يقع أحد في عرضه فكيف يرضى أن يقع هو في أعراض الناس أما يخشى أن يفضحه الله في الدنيا قبل فضيحة الآخرة أيها المسلمون إن غيبة إخوانكم إهداء أعمالكم الصالحة إليها إن غيبة إخوانكم إهداء أعمالكم الصالحة إليهم فإنهم إذا لم ينتصروا في الدنيا أو يحللوكم أخذوا من أعمالكم الصالحة في الآخرة فإن فنيت أعمالكم الصالحة أخذ من أعمالهم السيئة فطرحت عليكم ثم طرحتم في النار أيها الناس اشتغلوا بعيوبكم عن عيوب الآخرين وإذا كنتم صادقين في إخلاصكم ونصحكم فأصلحوا عيوب إخوانكم ولا تشيعوها وتشهروها إذا رأيت من أخيك ما يقدح فيه وأنا أقول إنه لا يسلم أحد من خطأ إذا رأيت من أخيك ما يقدح فيه فاذهب إليه وأنصحه بينك وبينه لتكون من الناصحين لا من الفاضحين يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند ضعيف أن امرأتين صامتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعطشتنا عطشاً شديداً كادتا تموتان من العطش فذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بهما فأمرهما فقاعة دماً وقديداً ولحماً عضيضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن هاتين المرأتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس ) أيها الأخوة المؤمنون إن الغيبة من كبائر الذنوب كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله وكبائر الذنوب أمرها عظيم فإن فاعل الكبيرة تسقط عدالته بمجرد فعلها لا يكون من أهل الثقة والعدل وإنما يكون من الفساق الذين ترد شهادتهم وتسقط ولايتهم الأمر ليس بالهين الأمر أمر عظيم حتى قال بعض أهل العلم إن من كان فاسقاً بفعل الكبيرة التي لم يتب منها فإنه لا يصلح أن يكون إماماً للناس ولا يصلح أن لا يصلح أن يشهد بل ترد شهادته هذا أحد الدائين أما الداء الثاني فهو النميمة وما أدراك ما النميمة إنها الفرقة بين الناس وإلقاء العداوة والبغضاء إنها الإفساد بين الناس بنقل كلام بعضهم في بعض فيأتي إلى الشخص فيقول قال فيك فلان كذا وكذا حتى يحدث بين الناس ويلقي العدواة بينهم والبغضاء وربما كان كاذباً فيجمع بين البهتان والنميمة إن بعض الناس يأتي بمثل هذا كأنه هدية سخية إلى من نقله إليه يتقرب به إلى المنقول إليه وهذا من سفهه ونقص دينه وإن الواجب على من نقل إليه أحد كلام أحد فيه أن ينكر عليه وينهاه عن ذلك وليحذر منه فإن من نقل كلام الناس إليك نقل إليهم كلامك وربما ينقل عنك ما لم تتكلم به وقد قال الله تعالى (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (القلم:10-11) إن النميمة أيها المسلمون شر من الغيبة وأعظم قال النبي صلى الله عليه وسلم
( لا يدخل الجنة نمام ) ومر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين يعذبان فقال ( إن أحدهما لا يستنزه من البول وإن الآخر كان يمشي بالنميمة ) فاحذروا أيها المسلمون الغيبة والنميمة احذروهما فإن بهما فساد الدين والدنيا وتفكك المجتمع وإلقاء العداوة والبغضاء وحلول النقم والبلاء وهما بضاعة كل بطال وإضاعة الوقت بالقيل والقال ولكن إذا كان المقصود نصيحة الخلق وتحذيرهم من أهل السوء فلا حرج عليك في ذلك فإذا رأيت شخصاً ينشر أفكاراً هدامة أو يبث أخلاقاً سيئة أو يشيع تشكيكاً بين المسلمين في دينهم فذكرته بما فيه تحذير من شره ونصح للأمة وحماية للدين فلا حرج في ذلك بل ربما يكون هذا واجباً عليك وهكذا إذا رأيت شخصاً متملقاً لشخص مصانعاً له يأخذ ما عنده ويفضح ما أسره وذكرت ذلك له ليحذر منه فليس من النميمة وإنما هو نصيحة وهكذا إذا استشارك شخص في إنسان ليعامله أو يزوجه وأنت تعرف فيه نقصاً في دينه أو خلقه أو أمانته وجب عليك أن تبين ما فيه لمن استشارك ولا يعد ذلك من الغيبة بل هو من النصيحة اللهم إنا نسألك أن تحمي ألسنتنا من القول الحرام وأن تحمي أعراضنا من دنس اللئام وأن تقينا شر أنفسنا من الخطايا والآثام اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنك جواد كريم رؤوف رحيم …
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الصباح وأنور وسلم تسليما …
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أنكم مسؤولون عما تقولون وما تفعلون فإن الله عز وجل يقول (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة:7- ويقول جل ذكره (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) (لأعراف:6-7) إن الله عز وجل لا يخفى عليه شئ من أعمالكم ولا من أقوالكم ولا مما توسوس به نفوسكم إن الله يقول (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ )(قّ: من الآية16) إنه لا يخفى عليه شئ من أعمالكم فاتقوا الله أيها المسلمون وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومن اغتبتموه من المسلمين فإن كان قد علم بما قلتم فيه فلابد أن تصلوا إليه وتتصلوا به بطريق آخر حتى تطلبوا منه أن يحلكم عما قلتم فيه وإذا جاء الإنسان وإذا جاء الإنسان إلى أخيه معتذراً له فإنه ينبغي أن يقبل اعتذاره ويعفو عنه فإن الله تعالى يحب العافين عن الناس وأما إذا اغتبتم إنساناً ولم يعلم بما قلتم فيه فإنكم تنظرون إلى المصلحة وقد يكون من المصلحة أن تخبروه بما جرى منكم في حقه وأن تستغفروا له وأن تمدحوه بما فيه في المكان الذي اغتبتموه فيه لتكون الحسنات مذهبات للسيئات هذا هو طريق الخلاص من حق الإنسان الذي اغتبته فبادر إلى الخلاص منه قبل أن يفوت الأوان قبل أن لا يكون لك خلاص إلا من أعمالك الصالحة واتق الله وأقلع عما كان منك إن كنت من أهل الغيبة واسأل الله تعالى أن يحميك منها فإنها بئس البضاعة وأعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم اجمعنا اللهم اجعلنا ممن دخلوا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضى عن خلفاءه الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم ارضى عن أولاده الغر الميامين وعن زوجاتهم أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمروهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم من كان ولاة أمور المسلمين مستقيماً على دينك داعياً إليه حريصا على نشر الخير في الأمة فثبته على ذلك وأيده وأنصره على من ناوئه يا رب العالمين اللهم من كان من ولاة أمور المسلمين غير مستقيم على دينك ولا ناصح لعبادك اللهم فأبدله بخير منه أو أهده إلى الحق يا رب العالمين اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم هيئ لهم كل بطانة خير تدلهم على الخير وترغبهم فيه وتحذرهم من الشر وتنفرهم منه اللهم من كان من بطانة ولاة أمور المسلمين غير ناصح لهم ولا لأمتهم اللهم فأبعده عنهم يا رب العالمين وأبدلهم بخير منه إنك على كل شئ قدير اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن في إنتظار فريضة من فرائضك نسألك اللهم أن تغفر لنا ذنوبنا وتكفر عنا سيئاتنا وتتوفانا مع الأبرار ونسألك اللهم أن تقبل دعواتنا وأن تتجاوز عن التقصير في عباداتنا وأن تقبل منا جميع أعمالنا يا رب العالمين اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد …